تحدث حولنا أشياء تفوق في غرابتها خيال المؤلفين المتواضع..الذي يتهم أحيانا - علي تواضعه - بأنه ينافي العقل والواقع.. فمثلاً توقف البعض أمام الحادثة التي يبدأ بها فيلم ولاد العم وشككوا في إمكانية أن يقوم زوج يهودي باختطاف زوجته المسلمة لكي يجبرها علي العيش رغما عنها في تل أبيب.. فهل كان أحد من هؤلاء يتصور أن يحدث ذلك في بلدنا وبين ظهرانينا وبتواطؤ بين أجهزة الأمن ورجال الدين؟
.. لقد اختطفت السيدة المسلمةكاميليا شحاتة من أمام مشيخة الأزهر وهي ذاهبة كي تشهر إسلامها والذي خطفها هو الأمن المصري وسلمها للكنيسة كي تعيدها إلي المسيحية بعد أن تهرب مسئول في الأزهر من توثيق إشهار إسلامها وقام بإبلاغ الأمن عن وجودهم لديه... وأكبر دليل علي صحة هذه الواقعة هو منع هذه السيدة من قبل البابا شنودة -الذي لا نعلم إلي أي مدي بلغت سلطاته - من التحدث إلي أي من وسائل الإعلام بحجج ساذجة لا تدخل في رأس طفل صغير.. وأنا أتحدي قداسة البابا أن يسمح لكاميليا بالتحدث ولو لدقيقة واحدة لأي من البرامج أو القنوات التليفزيونية.. مستحيل لن يحدث فهي مسلمة ولن تقول غير ذلك وستسبب حرجًا كبيرًا للبابا والكنيسة بلا أدني شك.. أما عن هذا التسجيل الساذج الذي تظهر فيه سيدة أخري تشبه كاميليا وانتشر في بعض مواقع النت فقد بلغ حدًا من الرداءة وسوء التنفيذ لم نرها حتي في أكثر برامج الأطفال بلاهة ولا أستبعد أن يكون قد نفذ بالتعاون بين الكنيسة ورجال الأمن وأطلق علي النت كنوع من جس النبض ومحاولة لاستقراء رد الفعل ولهذا لم تعترف الكنيسة بعلاقتها به حتي يتبينوا أولاً إن كنا ابتلعناه أم لا؟
متي وكيف وصل بنا الحال إلي هذه الدرجة من الضعف والارتجاف والوهن؟ما هذا الانبطاح المزري أمام الأقلية المسيحية في مصر ؟ما هذا الخضوع المهين لضغوط المتطرفين الأقباط وإلي أين ستقودنا؟ هل يظن القائمون علي أمن هذا البلد أن الانصياع لمطالب قلة متطرفة تستقوي بالغرب سيطفئ فتيل أزمة أو سينهي احتقانًا؟ بالأمس ضرب البابا عرض الحائط بقانون الطلاق الموحد واعتبره تدخلا في شئون الأقباط واليوم تختطف المسلمات ويتم إعادتهن إلي الكنيسة وغدًا ماذا؟ لا تستبعد أن يطالب البعض منهم بالانفصال استغلالا لحالة الارتعاش التي تعاني منها السلطة حاليا وتحقيقًا لهراء وأوهام خسيسة نسمعها كثيرًا هذه الأيام للأسف مؤداها أن المسيحيين هم أصحاب البلد والمسلمين ما هم إلا عرب محتلون من أيام ابن العاص من هنا جاء حرص المسيحي المصري علي وصف نفسه بالقبطي.. حتي يفرق بين نفسه والآخر العربي.. ياللهراء.
كلا نحن نسيج واحد بالفعل ويجب أن نظل هكذاولن يتحقق ذلك بمسرحيات إفطار الوحدة الوطنية السخيفةالمبتذلة والأحضان والابتسامات أمام كاميرات التليفزيون ولكن من خلال الحفاظ علي موازين القوي التي تحكم هذا المجتمع..يجب أن تظل القلة قلة والغالبية غالبية وإلا فسوف تحرق النيران الجميع وسوف تبدأ بهؤلاء الذين سعوا لإشعالها في البداية.
من ناحية أخري.. لو نظرنا إلي واقع ما حدث وحاولنا أن نفهم بكل حياد تأثيره الحقيقي في المسيحيين والمسيحية في مصر بدءًا بالمظاهرات الوقحة الاستفزازية التي ترفع شعارات ضالة كاذبة.. ومرورًا بتظاهر رجال الكنيسة بالاضطهاد ومواقف أقباط المهجر التي تنضح بالكره والحقد علي الإسلام والمسلمين والتي وصلت لدرجة الاعتراض علي سجود اللاعبين المصريين في المباريات وانتهاء باختطاف وتعذيب وقتل كل من تسول لها نفسها الدخول في الإسلام..ألا يعتبر كل هذا إضعافًا للديانة والملة المسيحية في نفوس الآخرين ؟ ألا يدفع ذلك الكثيرين للتساؤل: أي دين هذا الذي لا يستقر في النفوس إلا بالخطف والتعذيب والاستقواء بالغرب؟
يجب أن تكفل الدولة حرية الاعتقاد للجميع ويجب أن تتوقف تماما تلك المراجعات المسيحية لكل من أراد الدخول في الإسلام خاصة من النساء وذلك امتثالاً لقول الله تعالي!.
«يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بأيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلي الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ».
بهذا يأمرنا ديننا وإلهنا ومنه نستقي دستورنا وقوانيننا وعلي المتضرر أن يمت بغيظه أو أن يترك هذا البلد ويذهب في ستين سلامة.