العنب...
لمحاربة السموم
لا عجب في أن يستحقّ العنب الثناء نظراً إلى منافعه الصحية الهائلة. لم لا تركّز على تناول العنب اللذيذ والمفيد طوال يوم كامل أو أسبوع كامل؟ ستلاحظ الفرق فوراً.
هل ترغب في الاسترخاء وتطهير جسمك والإصغاء إلى حاجاته التي تهملها غالباً؟ تكثر الأسباب التي تدفعك إلى البدء بعلاج {العنب}! إنه علاج معروف منذ العصور القديمة لدى الإغريق والعرب والرومان، وسرعان ما عاد الاختصاصيون ينصحون باعتماده في العقود الأخيرة. في هذا المجال، ظهر كتاب مؤثّر يروي شهادة امرأة انتصرت على مرض السرطان بفضل اتباع هذه الحمية الغذائية. منذ ذلك الحين، لم يخفت نجاح هذا العلاج بسبب منافعه التي تجدّد الخلايا وتنشّط الجسم وترخي الأعصاب. بإمكان أي شخص اتباع حمية العنب، لكنها قد تسبّب آثاراً جانبية نادرة تطال المرضى الضعفاء أو المصابين بداء السكري. المبدأ بسيط: خلال يوم كامل، أو أسبوع كامل أو أكثر، لا تستهلك إلا العنب.
تنقية الجسم والروح
في عام 1990، أُجريت دراسة على خمسة متطوّعين اتّبعوا حمية العنب في فرنسا. رأى 10% منهم أنّ التجربة لم تكن نافعة، في حين شعر 90% منهم بتحسّن واضح في حالتهم الصحية العامة: شعور بخفّة الجسم، استرخاء، نشاط، تحسّن القدرات الفكرية... لاحظ الأطباء الذين أشرفوا على هذه الدراسة فاعلية حمية العنب لمعالجة الإمساك والأرق (حتى بعد معاودة النظام الغذائي العادي) وتخفيض معدل الكولسترول. كذلك، ظهرت منافع أخرى: تعزيز حاسّتي الشمّ والذوق، وأحياناً السمع والنظر.
لكن لا يكتفي علاج العنب بتعزيز استرخاء الجسم فحسب، بل الروح أيضاً. يشعر البعض وكأنه ينعزل عن العالم وتصبح أفكاره أكثر وضوحاً، فيتّخذ قراراته بعقلانية أكبر. يواجه البعض الآخر مشاعر تتراوح بين الراحة والقلق، لكنّ الجميع يفخرون بنجاحهم في تطبيق الحمية في الأيام الثلاثة الأولى التي تُعتبر الأصعب. الأهم هو اتباع هذه الحمية بالطريقة الصحيحة من خلال احترام بعض القواعد الأساسية تجنباً لتحوّل هذه التجربة إلى مشكلة.
طازج عضوي ناضج
لا يمكن أن يكون العلاج ناجحاً إذا لم تكن نوعية العنب جيدة. ننصح باختيار عنب طازج (لهذا السبب يُطبّق العلاج في الخريف)، وعضوي، والأهم هو غسله بكمية كبيرة من الماء. قد تتساءل عن سبب اختيار العنب بدل التفاح أو الإجاص مثلاً. في الواقع، العنب، كغيره من الفاكهة، غنيّ بالسكر وفقير بالبروتينات والمواد الدهنية، لكنّه يتفوّق على غيره في المغذيات التي يحتويها: الأحماض العضوية، مادّتا الأنتوسيام والتانين، وغيرها من المواد الفلافونية. تؤدي جميع هذه الجزيئات دوراً أساسياً في إزالة السموم من الجسم وحمايته أيضاً. خلال أيام الحمية القليلة، لن تستهلك إذاً إلا العنب، بالإضافة إلى الماء أو نقيع ساخن بلا سكر.
يُنصح بتناول العنب الأسود – مع أنه يسبّب الإمساك عادةً- في حال الإصابة بإسهال، إذ قد تؤدي عملية إزالة السموم إلى هذا النوع من المشاكل المعوية.
يجب اختيار فاكهة ناضجة تجنباً لتقرّح الفم وإحداث اضطرابات كثيرة في الأمعاء. من الأفضل الاحتفاظ بكمية عنب تكفي اليوم بطوله لعدم الانقطاع منه فجأةً. حضّر جسمك قبل يومين من بدء العلاج من خلال التوقف عن تناول المنتجات الحيوانية والمأكولات المصنّعة والمشروبات الكحولية والقهوة والشوكولا. يبدأ العلاج الفعلي بتنظيف الأمعاء. أفضل ما يمكن فعله هو استهلاك الأقراص الخاصة بتليين الأمعاء والمكوّنة من تركيبات نباتية. تساهم هذه الخطوة في تنظيف القولون والأمعاء. بعد ذلك، يمكنك تناول أول وجبة عنب.
منافع فوريّة
يجب اعتبار هذه الحمية بمثابة استراحة غذائية تخصّصها لنفسك لاستعادة الشعور بالخفة والمتعة، فهي ليست بأي شكل عقاباً قاسياً. استفد من هذه الاستراحة لإبطاء وتيرة حياتك السريعة.
في اليوم الأول، استعدّ نفسياً لما ينتظرك. تناول العنب ببطء، من دون نزع القشرة أو البذور لأنها تحتوي على مغذيات مفيدة. ثم عاود نشاطاتك العادية وتناول حبّات العنب كلّما رغبت في ذلك. لكن لا تفرط في تناول العنب دفعةً واحدة ولا تحاول في المقابل الالتزام بثلاث وجبات عنب يومياً. لوحظ أنّ أفضل إيقاع يقضي بتناول وجبة كل ساعتين أو ثلاث ساعات (أي بمعدل ست أو سبع وجبات يومياً). من خلال استهلاك أكثر من كيلوغرامي عنب يومياً، يتمكّن الجسم من ممارسة النشاطات اليومية بشكل شبه طبيعي. إذا كان الطقس بارداً، لا تتردد باستهلاك عصير عنب طازج (بعد تسخينه على حرارة 40 درجة) أو تناول بعض أكواب من الشراب الساخن.
في اليوم الثاني، يجب تطهير الأمعاء مجدداً. إنه اليوم الأصعب، لكن تشجّع! بدءاً من اليوم الثالث، يعتاد الجسم على النظام الغذائي الجديد ويستعيد توازنه. إذا كنت تتبع هذه الحمية للمرة الأولى، يجب ألا تتجاوز مدة الأسبوع الواحد. يمكنك أيضاً تطبيقها بمعدل يوم أسبوعياً خلال شهر.
عودة تدريجيّة
يجب العودة إلى النظام الغذائي العادي بطريقة مناسبة تجنباً لفقدان منافع علاج العنب. إذا دام العلاج مدة أسبوع، يمكنك إعادة التكيّف خلال ثلاثة أيام. في اليوم الأول: ابدأ بتناول أنواع فاكهة أخرى (يمكنك التوقّف عن أكل العنب) والخضار (نيئة أو مطبوخة). في اليوم الثاني: أضف كوب لبن أو صفار بيضة نيئة. في اليوم الثالث: أضف كمية قليلة من السمك إذا أردت. اعتباراً من اليوم الرابع، يمكنك العودة إلى تناول ما تريده. لكن لا تتفاجأ إذا لاحظت تغيّراً في ذوقك وعاداتك الغذائية. أظهرت الدراسات أنّ معظم الأشخاص الذين يتبعون هذه الحمية يغيّرون نمط حياتهم. السبب بسيط: يشعر المرء تلقائياً بالحاجة إلى تناول طعام سليم.
علاج جزئي
إنه علاج أقلّ قساوة من العلاج الكامل، يقضي بتناول العنب، من أسبوعين إلى ستة أسابيع، في الساعة الحادية عشرة صباحاً والسادسة مساءً. لا يستلزم العلاج الجزئي تغيير العادات الغذائية بشكل جذري، بل يتيح متابعة الحياة الاجتماعية العادية. يمكن متابعته لمدة أطول إذا كان المرء يتحمّل هذا النوع من الحميات. يساهم هذا العلاج أيضاً في شحن الجسم بعناصر غذائية واستعادة النشاط. لكن للاستفادة فعلاً من الحمية، يجب أن تكون الوجبات الأخرى صحية ومناسبة.
عوارض
يتكلّم الاختصاصيون عن {أزمة علاجية} قد تُترجَم بزكام أو حمّى أو طفرة جلدية أو غثيان. كلما كانت السموم المتراكمة في الجسم كثيرة، تكون الأزمة أقوى. في حال وقوع أيٍّ من هذه المشاكل، يجب أخذ قسط من الراحة ومساعدة الجسم على تنظيف الأمعاء: شرب الماء مع نقيع ساخن بالزعتر أو إكليل الجبل، حضور جلسة في حمّام بخار، كشط البشرة، الخضوع للتدليك، التنزه، وغيرها من النشاطات التي تحفّز أعضاء الجسم المسؤولة عن إزالة سموم الجسم. مع حلول اليوم الثالث، ستشعر بالنظافة الداخلية.
نصائح إضافية:
• في حال الشعور بالتعب: التعب ردة فعل طبيعية. في البداية، تجنّب إجهاد نفسك في العمل والنشاطات، واسترِحْ.
• في حال الإصابة بصداع: إشرب ماء ساخنة وتمدّد لبضع لحظات.
• في حال الشعور بالغثيان أو الدوار: استرِحْ واشرب ماء فوّارة قليلة الملح.
• في حال الشعور بالبرودة: خذ حمّاماً ساخناً وحافظ على دفء جسمك.
• في حال الإصابة بالإمساك: اختر عنباً أقل نضوجاً ولا تأكل القشرة والبذور خلال بضعة أيام.