كثيرا ما نسمع أن الكذب ملح الرجال. وانهم به
يضيفون ملحا يعدل طعم الزواج. فما اصل هذه العبارات وما مدى سلامتها وصحتها؟ يقول
الرجال إنهم قليلا ما يكذبون. كذبهم بان حتى في قولهم هذا. فقد أشارت نتائج دراسة
ـعدها متحف العلوم في بريطانيا الى أن الرجال يكذبون أكثر من النساء، حيث أن الرجل
يكذب ثلاث مرات في اليوم، بينما تكذب المرأة مرتين يومياً، كما كشف الاستطلاع أن 82
% من النساء يشعرن بالذنب وتأنيب الضمير بعد قيامهن بالكذب في حين ان 70% من الرجال
لا يشعرون بالذنب جراء كذبهم.
صورة
توضيحية
بداية لنعرف
الكذب:
الكذب هو عملية متعمدة لتزييف الحقيقة أو تشويهها لتسير
الامور في اتجاه نريده نحن. والكذب ليس طبعا ولا صفة لصيقة بالإنسان وإلا لما قال
الرسول صلى الله عليه وسلم "يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الكذب والخيانة" إذا
يمكننا التخلص من هذه العادة الرذيلة لو دربنا أنفسنا.
واقعنا اليوم:
نوه عالم النفس
الأمريكي "روبرت فيلدمان" إلى أن الكذب بات صفة يتصف بها معظم البشر من الجنسين
سواء كانوا كبارا أم صغارا بالسن، كما إنه ليس حكرا على شعب محدد بل هو منتشر في
جميع شعوب الأرض، بالرغم من إن الكثير يرى الكذب آفة اجتماعية يجب تجنبها. وإننا
نعيش في زمن أصبح فيه الكذب والخداع من الأمور التي يمكن غض الطرف عنها وتجاوزها
بصورة أكبر بكثير من السابق"، مشيراً إلى أن كثيراً من الناس باتوا يعتقدون أنه لا
بأس في الكذب طالما لا ينكشف الشخص الكاذب ولا يسبب أي نتائج خطيرة.
والرجال
يكذبون:
والكذب عندهم يأتي أشكالا وأنواعا. فهذا رجل له مغامرات
خارج المنزل لكنه في مواجهة زوجته يكذب ويصطنع المعاذير، ورجل آخر يظهر كذبه في
حضور الآخرين، فيروي أحداثا لم تحدث، كل ذلك والزوجة تسمع وترى وتتعجب في صمت. ورجل
ثالث لا يكفيه أن يكذب بل يطلب المعونة من أصدقائه لوضع سيناريو كامل يطرحه أمام
زوجته عندما تسأله لماذا تأخرت؟ بينما بعض الرجال لا يكذبون أبدا إلا إذا تعلق
الأمر بالبيع والشراء معتبرين ذلك "شطارة".
ولكن هل كل زوج يلجأ للكذب؟ وهل
الزوجة هي التي تدفع بزوجها للكذب حتى تسير الأمور مستقرة؟ وهل الكذب صفة لصيقة
بالإنسان أم أنه طبع يوجد في بعض الناس أم أنه نقيصة مكتسبة؟ ومتى يكون الإنسان
كاذبا؟ وهل يتحرى البعض الصدق لجماله أم للخوف من عقوبة الكذب؟.
اسباب
الكذب:
أسباب الكذب كثيرة سواء عند الرجال أم النساء، لكنها قد
تظهر في الرجال أكثر لأنهم يريدون الحياة في هدوء وسكينة، ولأنهم أمام أسئلة كثيرة
تطرحها النساء يصبح من الصعب أن يوصلوا وجهة نظرهم دون إحداث خسائر فبدلا من بذل
المجهود في إقناع الطرف الآخر يصبح من الأسهل اللجوء للكذب واعتباره طوق
النجاة.
الرجال يكذبون. نعم يكذبون. وتساعدهم النساء في هذا. فالرجل كما قلنا
يؤثر السلامة ويحاول الابتعاد عن النكد والجدال عندما يذهب مثلا الى شقيقته التي
تبغضها زوجته، عندما يعطي ابنة أخيه ليساعدها في نفقات المعيشة بعدما رحل والدها عن
عالمنا، هو يعلم مقدما أن زوجته ستقول له" اولادنا أولى واحق" لذلك يشتري رأسه
ويقتصد من مصروفه ويساعد ابنة أخيه، عندما يسهر سهرة بريئة مع الزملاء بعد يوم شاق
من العمل ويخشى أن تعاتبه زوجته لأنه تركها وحدها بالمنزل تستذكر للصغار وذهب
للنزهة، عندما تكون زوجته مسرفة ولا تقدر الظروف فيخفي عنها أي مبالغ تأتي له في
شكل مكافآت ليوفرها بعيدا عنها أمانا وضمانا للأسرة. حالات كثيرة يضطر فيها الرجل
للكذب وإخفاء الحقيقة طمعا في بيت مستقر. لكن البيوت المستقرة لا تبنى على الكذب
هذا ما لا يدركه كثيرون للأسف، فيجد نفسه كتلميذ صغير عندما تكتشف زوجته الحقيقة
وتواجهه فيصبح أمام أمر من اثنين إما الدفاع عن النفس مما يظهره بشكل ضعيف فيصغر
أكثر في عينيها، وإما التبجح والدفاع عن نقيصة هي الكذب. ليتنا نفهم بعضنا بشكل
أفضل حتى تدوم الحياة بيننا بأسلوب أجمل. وليتنا ندرك أن الكذب هو صفة الضعفاء وأن
الصدق، والصدق وحده هو ملح الحياة وسكرها أيضا.