<p style="TEXT-ALIGN: justify">
عزيزتي
الزوجة:
الزوج العاقل الكريم لا يعاتب زوجته عند أدنى
هفوة ولا يؤاخذها بأول زلة بل يلتمس لها المعاذير ويحملها على أحسن
المحامل
من الأزواج من يكثر انتقاد الزوجة ولومها إذا هي أخطأت أي خطأ
فكذلك تجد من هؤلاء من لا يشكر زوجته إذا هي أحسنت ولا يشجّعها إذا قامت بالعمل كما
ينبغي
إن الزوجة إذا وجدت ذلك من زوجها ستسعد وتشعر بالنشاط، والاندفاع
والإخلاص لخدمته والمسارعة إلى مراضيه لما تلقاه منه من حنان وعطف وتقدير
من البيوت ما يخيّم عليها الصّمت المطبق، ويسودها
السكون الموحش، فلا تأنس الزوجة فيها بحديث زوجها، ولا هو يأنس بحديثها، ولا يسمع
أحدهما من الآخر كلمة حبّ أوعطف أو حنان.
صورة توضيحيةومن الأزواج من يكثر لوم
زوجته، وانتقادها في كل صغيرة وكبيرة ؛ فتراه ينتقد الطعام الذي تعدّه الزوجة،
ويعاقبها إذا بكى أولاده الصغار، أو كثر عبثهم، وتراه يبالغ في تأنيبها إذا نسيت أو
قصّرت في أي شأن من شؤونه.
وأقبح ما في ذلك أن يعنّفها فيما لا قدرة لها
عليه، كأن يلومها إذا كانت لا تُنجب، أو لا تُنجب إلا بنين وحسب، أو بنات وحسب.
ويلومها إذا أنجبت ولداً مصاباً ببعض العيوب الخلقية؛ فيجمع بذلك بين ألمها في
نفسها وبين إساءته البالغة بقوارصه التي تقضّ مضجعها، وتؤرق جفنها. وما هذا بمسلك
العقلاء؛ ذلك أن كثرة اللوم لا تصدر من ذي خلق كريم، أو طبع سليم، ثم إن ذلك يورث
النفرة، ويوجب الرهبة.
المعاتبة عند
اللزوم فقطفالزوج العاقل الكريم لا يعاتب زوجته عند أدنى هفوة،
ولا يؤاخذها بأول زلة. بل يلتمس لها المعاذير، ويحملها على أحسن المحامل. وإن كان
هناك ما يستوجب العتاب عاتبها عتاباً ليّناً رقيقاً تدرك به خطأها دون أن يهدر
كرامتها، أو ينسى جميلها.
ثم ما أحسن أن يتغاضى المرء ويتغافل؛ فذلك من دلائل
سموّ النفس وشفافيّتها وأريحيّتها، كما أنه مما يُعلي المنزلة، ويريح من الغضب
وآثاره المدمّرة. وإن أتت المرأة ما يوجب العتاب فلا يحسن بالزوج أن يكرّر العتاب،
وينكأ الجراح مرة بعد مرة؛ لأن ذلك يفضي إلى البغضة، وقد لا يبقي للمودة عيناً ولا
أثراً. ومما يعين الزوج على سلوك طريق الاعتدال في عتاب الزوجة أن يوطّن نفسه على
أنه لن يجد من زوجته كل ما يريد، كما أنها لن تجد فيه كل ما تريد؛ فلا يحسن به -
والحالة هذه - أن يُعاتِب في كل الأمور، وأن يتعقّب كل صغيرة وكبيرة؛ فأيّ الرجال
المهذب؟ ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها؟ ثم إن الإنسان لا يستطيع أن يتخلص من كثير
من عيوبه؛ فعلامَ نُحمِّل الآخرين فوق ما يطيقون، ونحن عن تلافي كثير من عيوبنا
عاجزون؟
تساهل
الزوج
ولا يعني ما مضى أن يتساهل الزوج في تقصير الزوجة في
الأمور المهمة من نحو القيام بالواجبات الدينية، أو رعاية الآداب المرعية، أو
التزام ما تقضي به الصيانة والعفة؛ فهذه أمور يجب أن تُوضع على رأس الأشياء التي لا
يُقبل التنازل عنها بحال.
كما أنه لا يتركها وشأنها، فإن الإغضاء عن العوج مدعاة
لاستمراره أو تزايده. والعوج المستمر أو المتزايد قد يكون شؤماً على المعاشرة،
فتصير إلى عاقبة مكروهة. وبعد ذلك فقد يقع من الزوج شدة في العتاب، أو إسراف في
اللوم؛ فيحسن به إذا وقع منه ذلك أن يبادر إلى الاعتذار، أو الهديّة، وإظهار الأسف،
والاعتراف بالخطأ دون أن تأخذه العزة بالإثم؛ فما هو إلا بشر، وما كان لبشر أن
يدّعي أنه لم يقلْ إلا صواباً. فإذا أخذ الزوج بهذه الطريقة قلَّ عتابه، وأراح
نفسه، وسما بخُلُقِه، وحافظ على مَشاعِر مُعاشِره.
انتقاد الزوجةوكما أن من
الأزواج من يكثر انتقاد الزوجة ولومها إذا هي أخطأت أي خطأ - فكذلك تجد من هؤلاء من
لا يشكر زوجته إذا هي أحسنت، ولا يشجّعها إذا قامت بالعمل كما ينبغي؛ فقد تقوم
الزوجة بإعداد الطعام الذي يَلَذُّ للزوج، وقد ترفع رأسه إذا قدم عليه ضيوف، وقد
تقوم على رعاية الأولاد خير قيام، وقد تظهر أمامه بأبهى حلّة، وأجمل منظر، وقد،
وقد، وقد... ومع ذلك لا تكاد تظفر منه بكلمة شكر، أو ابتسامة رضًا، أو نظرة عطف
وحنان، فضلاً عن الهدية والإكرام. ولا ريب أن ذلك ضرب من ضروب الكزازة والغلظة،
ونوع من أنواع اللؤم والبخل. وقد يلتمس الزوج لنفسه العذر بأنه يخشى من تعالي
الزوجة وغرورها إذا هو شكرها أو أثنى عليها. وهذا الكلام ليس صحيحاً على إطلاقه؛
فيا أيها الزوج المفضال، لا تبخل بما فيه سعادتك وسعادة زوجتك، ولا تهمل اللفتات
اليسيرة من هذا القبيل؛ فإن لها شأناً جللاً، وتأثيراً بالغاً.
الثناء على الزوجةفماذا يضيرك
إذا أثنيت على زوجتك بتجمّلها، وحسن تدبيرها؟ وماذا ستخسر إذا شكرتها على وجبة
أعَدَّتها للضيوف؟ أو ذكرت لها امتنانك لرعايتها وخدمتها لبيتك وأولادك - وإن كان
ذلك من اختصاصها، وإن كانت لا تقدمه إلا على سبيل الواجب -؟
لكن ذلك من قبيل
الكلمة الطيبة التي تؤكد أسباب المودة والرحمة. إن الزوجة إذا وجدت ذلك من زوجها
ستسعد، وتشعر بالنشاط، والاندفاع والإخلاص لخدمته، والمسارعة إلى مراضيه؛ لما تلقاه
منه من حنان وعطف وتقدير. وإذا أصبح قلبها مترعاً بهذه المعاني عاشت معه آمنة
مطمئنة، وعاد ذلك على الزوج بالأنس والمسرّات.