المؤكد أن تركيبة مجلس الشعب في الدورة القادمة لن تكون كما هي صحيح ان الشكل سيتغير إلي حد كبير ولكن في جانب المعارضة والمستقلين، فجهابذة التزوير ومهندسي اغتصاب السلطة في مصر قادرين علي الابتكار والإبداع لتزييف إرادة الأمة والمحافظة في نفس الوقت علي الحد الأدني من الشكل الديمقراطي ، ولان الوقت حرج والظروف لا تسمح..
بوجود تمرد من أي نوع داخل البرلمان ،خاصة وان انتقال السلطة سوف يتم لا محالة في الدورة القادمة ، فان الحزب الوطني لا يريد مفاجآت من أي نوع فحتي المستقلين أو ربما رموز المعارضة لابد وان يكونوا تحت السيطرة وواعون لخطورة المرحلة القادمة علي استقرار مصر،وقادرون علي تمثيل الدور والمحافظة علي الشكل الديمقراطي.
سوف يسمح "اللهو الخفي" في السلطة من تمرير بعض المقاعد للمستقلين والمعارضة وعلي رأسها الوفد وبعض الإخوان!! وبعض رموز العمل الوطني الأكثر قربا لقلوب الناس،ولكن مع ضمان السيطرة فطبيعة المرحلة تقتضي ذلك علي أن تعطي مساحة اكبر للمستقلين من أبناء الحزب الذين لم يأتي بهم المجمع الانتخابي من أبناء الحزب الوطني وتحديدا من الشباب المرتبط بلجنة السياسات وهو اللعب الخشن الذي يمارسه الحزب الوطني في معركته الداخلية.
لكن هل التركيبة القبلية وتحديدا في الصعيد وبعض عائلات الدلتا سوف تستوعب طبعة المرحلة؟
إن أهم سمات معركة انتخابات مجلس الشعب الحالية تتمثل في الصراع بين سلطة الحزب الوطني الحاكم وبين البني التقليدية للشعب المصري من عائلات وقبائل علي تقاسم النفوذ وتمرد القبيلة علي اختيارات الحزب وفرض مرشح بعينه حتي وان كان من نفس العائلة.
كان من الطبيعي أن تعتمد الدولة في السابق علي رموز العائلات والقبائل في اختياراتها بوصفهم حلقه الوصل معها ومع أجهزتها المختلفة لتحقيق مصالح العائلة ثم رويدا اضمحل تأثير القبائل ورموز العائلات الكبري ليس فقط علي ذويهم ولكن ايضا علي باقي العائلات ألصغري في القري مما ساهم في الحد من سيطرة الدولة علي الشارع المصري فاخترعت ما يسمي بالمجمع الانتخابي داخل الحزب للسيطرة علي الظاهرة خاصة بعد تغلغل قوي المعارضة ممثله في الإخوان المسلمين وبعض المستقلين الساخطين علي الحزب الوطني في بنيه القبائل و العائلات و قدرتها علي إما تجنيد بعض أبناء القبائل و العائلات او تحدي رموزها وهو ما نجحت فيه جماعة الإخوان المسلمين إلي حد كبير في الانتخابات الماضية . واستطاعت الدفع بدماء جديدة من ابناء العائلات الكبري سياسيا الي البرلمان ثم ما لبث الحزب والدولة ان استشعرا خطر قفز الإخوان فوق البني الاجتماعية السائدة وتحدي رموز القبائل وإنجاح المعارضين في أكثر من دائرة في الانتخابات السابقة.
والمثال الأبرز علي ذلك دائرة مركز القوصية بمحافظة أسيوط حيث استطاع الإخوان فيها من تمرير مرشح لا ينتمي إلي قبيلة او عائلة كبري ومن قرية لم تقدم مرشح واحد في الانتخابات علي مدار نصف قرن مضي يحظي بالقبول وهي قرية مير حيث تمكن النائب الحالي في مجلس الشعب عن الإخوان المسلمين محمود حلمي وهو موظف بالجمعية الزراعية من قهر الحزب والقبيلة والعائلات الكبري في مركز القوصية .
والآن تحاول الدولة وحتي القبائل والعائلات السياسية الكبري القفز علي هذا التحدي باليات جديدة وفطنت إلي مدي كراهية الشارع للحزب الوطني ورموزه الغارقون في الفساد وذلك عن طريق الدفع بأكثر من مرشح من نفس العائلة او القرية للدخول كمستقلين وهو إجراء ربما يكون متفق علية وغير معلن بين الحزب وكبار العائلات التي تحظي بالرضا الأمني وحتي دعم أجهزة الأمن في بعض الأحيان بل الأهم من ذلك هو قيام الحزب في كثير من الأحيان من اختيار أشخاص مكروهين شعبيا في مجمعة الانتخابي تصل الي الفساد الفاضح في بعض الحالات للمعرفة المسبقة بإخفاق هؤلاء في الانتخابات وانعدام شعبيتهم في الشارع والوقوف وراء مستقلين لهم قبول شعبي وعائلي وحزبي حتي يتم خداع الناخبين كالعادة ثم ضمان ضم الفائزين المستقلين صوريا عن الحزب في الانتخابات وهي الخدعة التي مارسها الحزب الوطني مع دائرة القوصية علي مدار عشرات السنوات حيث يسقط جمهور الناخبين مرشحي الوطني الرسميين حتي في أوج فترات التزوير الفاضح ثم ما يلبث الفائزين من الانضمام إلي الحزب مرة أخري بعد فوزهم وربما تركهم مستقلين صوريا في البرلمان مع ضمان ولائهم السياسي.
المؤكد أن الحزب الوطني في هذه الانتخابات لا يعاني من تحدي حقيقي في أكثر دوائر محافظة أسيوط وفيها دائرتي القوصية وديروط بعد أن أدرك الشارع والمرشحين المعارضين من الإخوان أو الأحزاب السياسية او حتي المستقلين عن الحزب أن الأمر بات محسوما خاصة بعد تجربة انتخابات الشوري وان المعركة هي مجرد صراع بين أجنحة الحزب الوطني المتعارضة وبين بيوت داخل العائلات والقري ذات الثقل السياسي والنفوذ القبلي وان الأمر سيكون معركة انتخابية شرسة بين الوطني القديم برموزه وبناة القبيلة التقليدية وبين الوطن الجديد برموزه وبناة الجديدة المعتمدة علي الشباب بغض النظر عن انتماءاتهم التقليدية أو القبيلة والذين يتميزون في كثير من الأحيان بالبعد عن الفساد والي حد كبير التمرد الحزبي .