لم تكن حملة حرق المصحف التي دعا اليها بعض المتطرفين الأمريكيين من النكرات وراغبي الشهرة هي الاساءة الاولي ولن تكون الاخيرة التي يتعرض لها الاسلام ورسوله وكتابه الكريم ولن تتوقف هذه الاساءات سواء ملأ الغضب صدورنا أو لم يملأها وسواء خرج هذا الغضب من الصدور ليترجم الي بعض حملات المقاطعة أوالمظاهرات التي نخرج فيها بالألاف من كل أنحاء الدول الاسلامية كما حدث في أزمة الرسوم المسيئة أو مرت هذه الاساءات بهدوء ودون مظاهرات تذكر كما هوالحال مع حملة حرق المصحف , لن يؤثر علي صورة الاسلام ما نفعله هنا وما نقترفه من ردود أفعال لا يشعر بها غيرنا...
ينتفض مشايخنا وعلماءنا فوق المنابر وعلي شاشات الفضائيات وفي الندوات والمؤتمرات يؤكد كل منهم فضل الاسلام وحضارته علي الغرب وما تحويه شريعتنا الغراء من قيم العدل والانسانية والمساواة ومبادئ حقوق الانسان و يؤكد كل منهم أن الاسلام لم ينتشر بالسيف وأنه دين السلام والسماحة والحرية . ولكن تبقي كل هذه الكلمات متداولة بيننا حبيسة منابرنا وفضائياتنا وكتبنا لا يدرك منها الغرب شيئا ولا يعرف عن الاسلام والمسلمين الا ما يشيعه أعداءنا وما يلصقه المتطرفون والمتعصبون ودعاة الكراهية بالاسلام زورا وبهتانا من خلال رسوم و أفلام وبرامج وكتب تنهش في الاسلام ونبيه وكتابه و تنطلق لتنفس عن كراهيتها للاسلام وتحاول نشرهذه الكراهية في الشرق والغرب اما خوفا من انتشاره تحت دعوي الخوف من أسلمة اوروبا واما جهلا بالاسلام الذي عجز المليارات من اتباعه عن التعبير عنه وتقديمه بصورته الصحيحة لهذه المجتمعات المتخوفة والمصابة بمرض الاسلاموفوبيا خاصة بعد احداث 11 سبتمبر , فصارت هذه المجتمعات والدول لا تعرف عن الاسلام الا مايريد اعداءه ان يصبح شائعا عنه فيما عدا محاولات قليلة ومحدودة من بعض الجاليات والمراكز الاسلامية في أمريكا والغرب التي تحاول قدر ما تستطيع ان تستغل كل فرصة للتعريف بالاسلام وشرح تعاليمه وقيمه لمن يدعوهم فضولهم من مواطني هذه الدول الي التعرف علي هذا الدين بسبب ما يثار عن الاسلام فيها والحملات التي تشن ضد المسلمين أو من خلال بعض الاعلانات المحدودة التي تشير الي عدد من القيم التي يدعو اليها القرأن الكريم والاحاديث النبوية الشريفة والتي تبنتها بعض المراكز والجاليات الاسلامية خاصة بعد أزمة الرسوم المسيئة ولكن تبقي امكانيات هذه المراكز ومحدودية دورها حائلا دون التصدي للهجمات المتزايدة التي يتعرض لها الاسلام دائما في الغرب
- حيث تعمل هذه المراكز بالجهود الذاتية لابناء الجاليات الاسلامية في هذه الدول و دون اي دعم من المنظمات الاسلامية أوالمؤسسات الدينية الكبيرة في الدول الاسلامية - ورغم تكرار هذه الحملات المتطرفة والعنصرية ضد الاسلام والمسلمين تبقي نفس ردود الافعال الاسلامية عليها كما هي دون رؤية أوتخطيط واضح لمواجهتها بالطريقة المثلي وبما يتلائم مع هذه الدول وثقافة مواطنيها , نتكلم ونثور ونغضب ونلقي الخطب العصماء التي لا يسمعها غيرنا لنترك الاسلام وحيدا في هذه الدول يتلقي الضربات الواحدة تلو الاخري دون ان نعمل معا لندافع عنه ودون ان تفكر المنظمات الاسلامية والمؤسسات الدينية في ان تتبني مشروعا او حملة واضحة المعالم للدفاع عن الاسلام يشارك فيها وزارات الاوقاف في الدول العربية و الاسلامية والمؤسسات الدينية الكبري في العالم الاسلامي وأهمها الازهر الشريف والجامعات العربية والاسلامية و الاعلام ورجال الاعمال لتواجه هذه الحملات فكرا بفكر وكتابا بكتاب وفيلما بفيلم بلغة أهل هذه الدول وبالاسلوب والطريقة التي يفهمونها, بالمنطق والحجة ودون انفعال وتشنج وغضب دون مردود فلن يقتنع الغرب بعدل الاسلام وسماحته وبأنه دين يرفض العنف حين يردد مشايخنا العبارة التي حفظناها عن ظهر قلب وهي ان الاسلام لم ينتشر بحد السيف ولكنه قد يقتنع بذلك حين نقدم أفلاما باللغات الاجنبية تتحدث عن كيفية انتشار الاسلام وكيف تعامل مع أتباع الأديان الاخري وعن عدل الاسلام ورحمته وقيمه وسماحته من خلال قصص وأحداث وشخصيات من التاريخ الاسلامي , ففي الوقت الذي ينتج فيه أعداء الاسلام أفلاما مسيئة للرسول وأمهات المؤمنين وأفلاما تتهم الاسلام بالارهاب والعنف ويشترون مساحات اعلانية لبث هذه السموم حول الاسلام والمسلمين لم يفكر اي من اصحاب رؤؤس الاموال أو المنتجين العرب والمسلمين ومن يمتلكون عشرات الفضائيات والقنوات في انتاج فيلم للرد علي هذه الاساءة والتعريف بالاسلام ورسوله "ص" بينما تضيع المليارات من رؤؤس الأموال العربية والاسلامية في انتاج مئات الافلام والمسلسلات الهابطة التي تعج بها فضائياتنا ويفسد بها شبابنا,ان انتاج أعمال بهذا المستوي ولتحقيق هذا الهدف الهام يحتاج الي ان تتبني المنظمات الاسلامية والمؤسسات الدينية حملة دائمة ومستمرة للدفاع عن الاسلام وتعريفه بوجهه الصحيح تستخدم فيها كل الوسائل من كتب مترجمة وأفلام واعلانات ورسائل اعلامية متطورة ودعم للمراكز الاسلامية في الغرب حتي لا يقف الاسلام وحيدا أمام هذه الهجمات الشرسة بينما نغلق نحن علي انفسنا ولا يتعد دفاعنا عن الاسلام حدود الحجرات والغرف المغلقة التي نتحدث فيها.