تحقيق:حسين
حمزة القرية كلها كانت تبحث عن الطفل محمد.. خمس سنوات وأسرته لاتنام..
بحثوا في كل موقع ومكان عن محمد بلا جدوى.. وفجأة ظهر الدجال الخطير في
حياة الأسرة الحزينة.. دجال أوهم الناس انه 'مخاوي' جن قوي لا يستعصي عليه
أمر!
وقعت الأسرة في الفخ.. وتاجر الدجال بأحزانهم. ألقي في روعهم أن محمد يعيش
تحت الأرض مع عفريتة وانه قادر على إعادته.. ارتفعت الأصوات تعبر عن
الإعجاب البالغ بكرامات الرجل المعجزة.. ملأت الأماني والسعادة قلب أم
محمد..
وانتظر الجميع وعد الدجال!
وكانت المفاجأة أنه أتى لهم بالطفل!.. وتتصاعد الأحداث وتتوالى المفاجآت
ويكتشف الجميع أن الطفل ليس محمدا.. وأن الدجال محترف خطف الأطفال! 'أخبار
الحوادث' تقدم القصة الكاملة للحادث الذي جرت وقائعه بين المنيا والقاهرة
وانتهي بسقوط الدجال في يد العدالة. ولنرجع إلى بداية المآساة ذات يوم.
كان وجه سيد عامل المعمار في هذا النهار يحمل كل هموم الدنيا! رغم أن حالة
الحزن لم تكن غريبة عليه.. فهي تصاحبه منذ خمس سنوات مضت عندما أبلغته
شقيقته نجاة بالخبر المشئوم: الحقني ياسيد.. ابني الطفل محمد اختفي!
يومها.. ترك سيد عمله في القاهرة.. ومنزله بعزبة النخل وطار إلى قريت(بن خالد) التابعة لمركز مغاغة بالمنيا..
بمجرد وصوله.. كان منزل شقيقته نجاة كأنه سرادق عزاء يستقبل الأهل
والجيران الذين حضروا من كل مكان ليشاركوا الأسرة أحزانها في اختفاء طفلهم
الذي لم يبلغ الخامسة من عمره بعد.. ضرب أفراد الأسرة كفا بكف بعد مرور
يوم على اختفاء الطفل ولم يظهر له أثر بعد أن شطوا كل شبر في القرية
والقرى المجاورة ومدينة مغاغة.. لم يتركوا مكانا إلا وبحثوا فيه عن طفلهم
الصغير.. فالأسرة عائلها رجل مكافح لا يدخر جهدا في سبيل توفير لقمة العيش
لزوجته المكافحة )نجا) وأطفاله الثلاثة منها غادة ومحمد ومحمود.. لا
تربطهم أية عداوة بأحد.. عشرات الأسئلة المنطقية وغير المنطقية زاحمت
رأسهم رغماً عنهم في محاولات حثيثة لتفسير الاختفاء المفاجئ لمحمد! خمس
سنين غياب!
مثل الذي يبحث عن إبرة في عمق بحر ليس له قرار.. راحت الأسرة منذ فجر يوم
21/11/1996 يوم غياب محمد وهم يصلون الليل بالنهار.. يجوبون كل البلاد..
يسألون كل الناس.. يتابعون أخبار الصحف والمجلات.. أقسام الشرطة..
المستشفيات باعوا كل غال وثمين للإنفاق على رحلة البحث المضنية بعد أن
تحول اختفاء محمد إلى لغز محير لا يعلم سره إلا الله عز وجل .. خاصة بعد
أن تحولت الأيام والشهور إلى سنين من رحلة العذاب التي أهلكت كل قوي
الأسرة.. ولم يعد في عيونهم دموع تسيل حزنا على ابنهم الذي كان يلعب ويلهو
في براءة مع أطفال الجيران كعادته.. وبمجرد أن عادت أمه من سوق الخضار..
بحثت عنه في كل المنزل.. والشارع.. وعند أولاد الجيران دون جدوى! الليل.
لا يرحم!
أم محمد لم يعد النوم يجرؤ حتى على الاقتراب من جفونها التي ترفض
الاستجابة للنوم.. للضحك.. للطعام.. لا تستجيب إلا لشيء واحد لا غيره..
البكاء! معذورة.. فهي أم.. وما أقسى على أي أم في الدنيا كلها أن تفقد
ضناها ونور عينيها في لحظة غادرة لم تحسب لها أي حساب.. فلو كانت تعرف ذلك
لقدمت روحها فداء وأيضا ثروتها ومتاعها في الدنيا.. طفلها محمد! أثناء
رحلة البحث.. استجابت أم محمد وزوجها لنصائح الأهل والجيران.. وما
أكثرها.. سمعوا عن ألف دجال وفاتح للكتاب وقراء الطالع وضاربي الودع..
والسحرة.. ليدخلوا نفقا مظلما كاد أن يخنق حياتهم ويطيح بهم إلى عالم ا
لجنون.. أو الموت!
مساكين هذه الأسرة.. كانوا كاللعبة الصغيرة في أيدي الدجالين.. تلاعبوا
بهم كيفما حلا لهم.. أشبعوا آذانهم روايات وخرافات وهراءات من وحي
خيالاتهم المريضة عن مصير طفلهم.. كل واحد فيهم كان يؤكد أن الطفل علي قيد
الحياة.. ويعرف مكانه.. وهو الوحيد الذي يملك القدرة علي إعادته لاحضان
أمه و أبيه بشرط تستجيب الأسرة لمطالبه . أو مطالب الخادم.. كما يسمونها!
وفي كل مرة.. كان الأب والام يستجيبان لأوامر الدجال بسرعة البرق.. يحضرون
له المبلغ الكبير الذي يطلبه من أي طريق.. من مالهم الذي أدخره من رحلة
كفاحهم