الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين ،
وآله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ،
أما بعد .....،
إخواني الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال سبحانه :
"الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ
بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ
يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ " (40) الحج
قال الحافظ ابن كثير _رحمه الله تعالى_ :
أي: لولا أنه يدفع عن قوم بقوم، ويكشف شر أناس عن غيرهم، بما يخلقه ويقدره من
الأسباب، لفسدت الأرض، وأهلك القوي الضعيف ... انتهى
قلت : صدق الله في وعده الحق لينصرن الله من ينصره
وصدق في خبره الحق لولا أنه يدفع شرور الناس ببعضهم لفسدت الأرض
ويستفاد من ذلك أن الاستكانة ليست حلا ، وأن السكوت لا يزيد الظالم إلا ظلما ،
ولا يزيد المظلوم إلا ذلا ، فهل استفاد المسلمون من ذلك عبرة تزيل الجبن من نفوسهم ،
وتعود بها مهابتهم في قلوب أعدائهم .
======
ليست قصة تحكى ليتسلى بها الأطفال ، ولا ليبكي بها الكبار على الأطلال ،
إنما هي آية على ثبات سنن الله في الأرض ، يثق بها من آمن بالله وأتبع هداه ،
ولا يزداد بها من كان في قلبه مرض إلا مرضا ،
ولن تجد لسنة الله تبديلا ، ولن تجد لسنة الله تحويلا .
======
لم تطق نفسي صبرا أمام هذا الحدث الجليل المهيب ، هذا الحدث الذي
انتظرنا الحراك فيه زمنا طويلا ، لأن الحراك مفتاح كثير من الخير
ومغلاق أبواب من الشر.
إنه الساتر الترابي بل الجدار الفولاذي تبدأ بعض جوانبه في التساقط والتهاوي
_ وكم من جدار فولاذي يجب أن تدق أركانه ، ويخرب بنيانه _ ،
ذلك الجدار الذي ساهمت في بنائه أياد آثمة ،
وأشرفت عليه وجوه كالحة ، بعد أن أجمعت عليه قلوب قاسية .
======
لم يكن ذلك الجدار إلا وهما صنعه رئيس هيئة القضاء في محكمة التفتيش الصليبية المصرية
عدو الإسلام الخائن لوطنه نظير جيد المعروف بشنودة ، وأعانه عليه قوم آخرون ،
وهما كذلك الذي تصنعه كوابيس النائمين حين يظنون أن أحدا يخنقهم أو أن الدنيا كلها
أجمعت على الفتك بهم حتى إذا انتبهوا لم يروا شيئا .
======
لقد كانت هيبة الكنيسة وقوتها وعدم قدرة أحد على الاعتراض على أفعالها أوهاما ،
صنعها شنودة بتصريحاته النارية واستعلائه على الدولة وسلطتها وقضائها ، صنعها أتباعه
بالطعن في الإسلام في القنوات الفضائية ، وعبر المسرحيات الساخرة ، صنعها أتباعه
خارج مصر بإعلانهم حكومات في المهجر ، وضغطهم على مصر سياسيا وإعلاميا في
الخارج ، صنعها محاولتهم السيطرة على اقتصاد البلاد ، صنعها وأتباعه بادعاء أن للكنيسة
شعبا وأمة منفصلة ،لها أحكامها وقانونها وسياديتها وقوتها وبأسها .
======
تلك الأوهام التي صنعتها الحكومة المصرية برضوخها أمام نظير السوء الملقب بشنودة ،
والتزلف إليه إذا رسم ملامح الغضب على وجهه ، ملوحا بالإقامة في الدير وعدم الخروج
للعظة ، صنعتها الحكومة المصرية ببرامجها التي ساندت فكرة اضطهاد الأقباط في مصر
وضرورة الاعتناء بحقوقهم المسلوبة _زعموا _ ،
======
صنعها رجال الأمن الأشاوس الشجعان الذين ارتضوا أن يكونوا سجانين في محكمة التفتيش
التي يرأسها شنودة ، وبتصديهم لكل من يقول للناس لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى
حتى تتبع ملتهم ، وتسليم من يخلع وثن الصليبية عن عنقه ويشهد أن الله واحد ، لا إله
غيره ولا شيء يعجزه ، لم تكن له صاحبة ولا ولد ، يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء ، لا
يفتقر إلى كبش فداء ليغفر ذنوب عباده ، فهي مهما بلغت لم تنل منه شيئا وما ظلمونا
ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
======
صنعها رجال الدولة الذين جعلوا لشنودة وأتباعه الحق في أن يدعوا أنهم في مصر
يتعرضون لمحرقة كتلك التي افتراها اليهود على هتلر ، دون أن تظهر الحكومة
أمام العالم استفزازات عباد الصليب ومخططات نظير السيء المسمى شنودة والتي تم كشفها
مرارا ، وعندما تنازلت حكومة مصر الرشيدة!! عن قرارات القضاء التي رفض شنودة
الانصياع لها ، عندما يقيمون الدنيا لأجل إمكانية ترشح واحد من الإخوان المسلمين
في المجلس "سيد قراره " ، وهم لا يسعون إلى دولة دينية بل إلى علمانية
صاحبة خلفية إسلامية ، بينما تفتح الأبواب أمام الوزراء والأعضاء في المجلس ،
الذين لهم ارتباط عقائدي ومنهجي وتاريخي واقتصادي كامل بالكنيسة .
======
تلك الأوهام التي صنعها رجال ينتمون إلى العمل الإسلامي بل ينتسبون إلى العلماء ظلما
وزورا ، نادوا بالأخوة مع النصارى ومودتهم وموالاتهم ، نادوا بمشاركتهم أعيادهم وحبهم
ومراعاة حسهم المرهف وعدم إسماعهم الأذان إذ لا ذنب لهم بذلك ، بل تفاخروا
بصداقتهم مع الصليبيين الذين يسبون الله ورسوله ، بل استصغروا أنفسهم أمام أكابر
مجرمي الكنيسة ، حتى قال قائلهم عليه من الله ما يستحق عن عدو الله ورسوله
والمسلمين شنودة إنه ليس أبا للأقباط إنما هو أب لكل المصريين ، ولا عجب فقد قال
كبيرهم من قبل أن عباد الصليب مؤمنون من وجه ونحن مؤمنون من وجه آخر، مفسرا
بذلك قوله تعالى " إنما المؤمنون إخوة " كبرت كلمة خرجت من
أفواه الكذابين
======
صنعها رجال من رجال الدعوة الإسلامية الكبار الذين ألقوا الوهن في قلوب أتباعهم بعد
أن تشربته قلوبهم حفاظا على مصالح دعواتهم وأحزابهم فهؤلاء يتحدثون عن سرقة لوحة
فنية لنبتة تستخرج منها المخدرات ، ولا يتحدثون عن امرأة أسلمت لها تسام سوء
العذاب لا لشيء إلا لأنها
قالت ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم
وآخرون يدارون سوءتهم بآيات شرعية يوهمون بها أتباعهم أن القرآن الذي لا إذن فيه
بالجهاد والقتال إنما نزل فيهم وما كان ينقص إلا أن تنزل في القرآن أسماؤهم
فزينوا لهم السكوت ، وحذروهم من طرق هذه الأمور، حرصا على مصالح أحزابهم ،
ومنابر فضائياتهم ، حتى علقت الأوهام بقلوب
أتباعهم ، فصاروا يظنون أنهم أصحاب الرخص المعذورون من عند الله ، وبأمر رسوله
صلى الله عليه وسلم وإنما زين لهم الشيطان ذلك ، وكاد لهم إبليس ، واستخف بهم
الفراعنة ، حتى انفض الشباب عنهم وكرهوا سيرتهم ، وتحركوا بغير مشورتهم ،
فاندفع بهؤلاء الشباب شر كبير ، وتبددت الأوهام التي تعلقت بالأذهان ،
فإذا بهؤلاء يحاولون اللحاق بهؤلاء الشباب بإصدار كلمات ما زالت على استحياء .
ولو أنهم أرادوا الحق لما قالوا ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عندما لم يؤذن له
بقتال لم يكف هو ولا أصحابه عن تسفيه الكافرين ، وعيب آلهتهم ، وانتقاص دينهم ،
وإعلان العداوة والبغضاء لهم ، فحتى هؤلاء كانوا جزاء من صناعة هذا الوهم ، وتلك
الأسطورة الزائفة حول الصليبيين .
======
أجل لقد اكتسبت الكنيسة ما سمي بالقوة الناعمة ، التي رفعت من مكانتها وأرهبت الناس
من التعرض لها ، وبنت حول الكنيسة أوهاما يغلف بعضها بعضا حتى صنعت تلك الأوهام
جدارا فولاذيا ضخما يحتاج إلى أن يتكاتف الجميع لإزالته ، يحتاج إلى خبرة الخبراء
والمتخصصين في كل مجال ، يحتاج إلى أفكار مهندسي التصدي للصليبيين ، وإلى عمالقة
السياسة وأساتذة الاقتصاد ، يحتاج إلى مضخات الأفعال والأقوال التي تحدث فيضانا لا
يقف أمامه شيئ إلا انكسر .
نحتاج إلى أفكار كتلك التي خطط لها من أحالوا خط بارليف المنيع كومة من تراب ،
وإلى تلك الأيدي التي نفذت ذلك بصبر وثبات حتى ارتفعت الراية ، بعد سقوط ذلك
الصنم الذي أرهبنا به اليهود زمنا.
=======
لم يكن غريبا على مصر ورجالها والغيورين من أبناء أمتنا في نواحي الأرض أن يتحركوا
لأجل استنقاذ امرأة فرت إليهم وطلبت نجدتهم ،فهذا دأب المسلمين دائما أهل شرف وحمية
، وغيرتهم على الأعراض وحبهم نصرة الإسلام أمر لا يزايد عليه أحد .
فمن أجل امرأة قامت الحروب وأخليت الدور وأريقت الدماء
وإنما الذي كان غريبا هو تأخرهم حتى استشرى الداء وانتشر السم .
وعلى أي حال فإذا كان العمل قد بدأ فلا مجال لكثرة اللوم والعتاب
كنت قد كتبت مقالا بعنوان
:: مسلمات أسيرات عند أصحاب الأخدود :: اللهم ابن لهن عندك بيتا في الجنة ::
ضمنته خلاصة ما اعتصر قلبي من الألم ، وأشملته ما جادت به قريحتي من النصح ،
لم أدخر فيه وسعا في بذل كلمة الحق دون مجاملة ترخي عن الجد في العمل ، ولا
عنترية تفضي إلى الصدود عن صحيح السبل .
واسيت فيه أخواتي الأسيرات وكلي ثقة بالله أن رحمته أشمل لهن من رحمتي ،
وأن عون الله أقرب لهن من عوني وتعهدت أنني سأبذل بإذن الله جهدي
والله أسأل ألا أكون قد حنثت في قسمي أو أخلفت موعدي وأن يتقبل مني ومن كل
عامل لدين الله تعالى
تحدثت فيه إلى الموسومين في مصر بالعلم والدعوة شاحذا همتهم للانشغال
بواجب الوقت ، لافتا أنظارهم إلى الأهم فالمهم ، مذكرا إياهم بعهد الله الذي أخذه عليهم
وكلمت فيه عامة المسلمين أثير معالم النخوة والرجولة المعهودة منهم ،
ونصحت فيه أجهزة الدولة وأقسم بالله لقد كنت لها ناصحا أمينا وأعتبرت نفسي
ساعتها صديقا معينا ،ما رجوت منها عطاء ولا خفت منها منعا .
ومع ازدياد الكرب ، وشدة الضيق ، يبدأ الفرج ويصدق قول الله تعالى
إن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا ، ولا والله لا يغلب عسر يسرين
اجتهد كثير من الإخوة الأفاضل في الرد على النصارى حتى تبنت بعض
الفضائيات الإسلامية برامج منتظمة يراها الجميع لذلك
وأمام صلف النصارى انقطعت ألسنة كثير من المسلمين عن الثناء عليهم بعد ظهور حقيقتهم
المفاجئة الكبرى ازدياد الداخلين في الإسلام من النصارى
وشنودة وزمرته يلطمون الخدود ويشقون الجيوب على ذلك
الأمر الذي فرض نفسه حقيقة هو تصعيد القضية إعلاميا بطريقة غير مسبوقة
وصل الأمر إلى تقديم بلاغات إلى النائب العام
ثم وصل إلى تقديم شكاوى إلى الأمم المتحدة
ثم إلى وقفات احتجاجية أمام نقابة المحامين
ثم إلى تحرك إسلامي فردي بعد صلاة التراويح في مسجد النور بالعباسية
ثم إلى سلسلة من الترتيبات لمثل هذه الاحتجاجات في جملة من كبريات المساجد
والساحات المصرية
الأمر الذي أوصل القضية إلى حيز لا يستهان به من مزاحمة أكبر الأحداث
بل صار الأمر يفرض نفسه كالحدث الأكبر إثارة في هذه الأيام
هذا التطور الملحوظ لا يمكن تجاهله بل لابد من تزكيته والزيادة عليه
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة
هل كانت كاميليا سببا في إحياء سنة التدافع ؟
هل كان كل هذا من بركة إسلامها وإخلاصها لله ؟
هل كانت دعوة مقبولة من امرأة مسلمة مقهورة على حد ما روي
من دعاء سعيد ابن جبير رحمه الله على الحجاج _عليه من الله ما يستحق_
إذ قال :
" اللهم لا تسلط هذا الظالم على أحد بعدي "
هل ستعود كاميليا إلينا مسلمة عزيزة أم ستظل الزوجة السابقة لقس دير مواس
مثلا على الثبات على الإيمان كما بقيت امرأة فرعون مثلا خالدا
لمن اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة
ما زلت على نصيحتي لنفسي ولإخواني بما ذكرته في مقالاتي في التصدي للتنصير
نصيحتي للجميع
احذروا تلك الأوهام التي زرعت في عقولهم
إن أكثر ما يعانيه المسلمون اليوم ليس إلا أمراضا قلبية ، إنما تعلقت بأصحابها بسبب
ضعف عقيدتهم في الله تعالى فهم وإن كانوا يقررون أن الخوف والتوكل والرجاء عبادات
قلبية غير أنهم يصرفون صورا من تلك العبادات لغير الله من شياطين الإنس
فلتكونوا عباد الله ممن ذكر الله أنهم ينصرونه فيكفون الشرور ، ويضربون على يد الظالم ،
ولا تكونوا ممن ألقي في قلبه الوهن ، وركن إلى الظالمين بل ومالأهم وانطلى عليه
خداعهم .
وحسبك من ذلك قول الله جل ذكره :
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا
تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) " آل عمران
وإلى شنودة وساويريس وزكريا بطرس
وسائر أئمة الكفر ومن شايعهم
لابد لي أن أرسل لكم البشرى
يقول جل ثناؤه :
" إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن
سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون
والذين كفروا إلى جهنم يحشرون "
فأنفقوا ما شئتم فلا والله لا تنصرون
فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم :
" لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ
إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ
وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ
وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يَقُولُ
قَدْ عَرَفْتُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ بَيْتِي لَقَدْ أَصَابَ مَنْ أَسْلَمَ
مِنْهُمْ الْخَيْرُ وَالشَّرَفُ وَالْعِزُّ وَلَقَدْ أَصَابَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَافِرًا الذُّلُّ
وَالصَّغَارُ وَالْجِزْيَةُ " انتهى
وفقني الله والمسلمين لما يرضيه في الدنيا والآخرة
